من طرف القيصر الخميس يونيو 12, 2008 6:10 pm
عاقبة البخل
يحكي أحدهم: أنه كان له جار كبير السن وحيد لا زوج ولا قريب له، وكان بخيلا شديد البخر، يجمع المال ويكنزه، وكان صانعا للنعال، وفي ذات يوم لم يفتح دكانه.
يقول الراوي: فلما صليت العشاء ذهبت أسأل عنه، فدفعت الباب بقدمي ودخلت وأنا أنادي: يا فلان.
ففزع وصرخ بأعلى صوته قائلا: ماذا تريد؟
فقلت له: جئت أسأل عنك فمنذ مدة لم تفتح دكانك.
قال: فطردني شر طردة، فخرجت وقلت في نفسي لعله أصابه شيء؛ فلماذا لا أعود له؟ فعدت إليه ثانية ودخلت خلسة دون أي يشعر بي، وإذا به قد جمع أمامه دنانير ذهبية تتلألأ مع ضوء المصابيح، وبجواره إناء فيه زيت وهو يتكلم ويقول للذهب: يا حبيبتي يا أعز ما عندي، لقد أفنيت فيك عمري، كيف أتركك؟! يجب أن أدفنك معي. ثم يأخذ دينار الذهب ويغمسه في الزيت ويقذف به إلى جوفه ثم يصيبه بعدها سعال شديد تتقطع من شدته أحشاؤه، ثم يأخذ دينارا آخر ويغمسه بالزيت ويقذفه إلى جوفه وهكذا، وأنا أنظر إليه. فقلت في نفسي: لن يأخذ مالك أيها البخيل إلا أنا، فخرجت وأغلقت الباب وربطته كي لا يكتشف أمره أحد.
وبعد ثلاثة أيام جئته فإذا هو قد مات ويبس في فراشه، فأخبرت الناس عن موته فغسلوه وحملوه وهم يتعجبون لثقله رغم ضعف بدنه وهزاله، وهم لا يعلمون ما يحمله في بطنه من دنانير ذهبية.
فلما دفناه في قبره وضعت عليه علامة كي أستدل عليه، فلما انتصف الليل ذهبت وبيدي الفأس فحفرت قبره وأنا خائف أن يراني أحد، ثم أزحت الحجارة عن اللحد، ثم قطعت كفنه بسكين كانت معي، ثم بقرت بطنه فإذا بريق الذهب على ضوء القمر فمددت يدي لآخذه، فلما لمست يدي ال1هب إذا هو حار كالجمر المستعر، فصرخت من شدة الألم، ونزعت يدي، وردمت القبر بالحجارة، وردمت عليه التراب، وخرجت مهرولا أصرخ من شدة الألم، وما أن وصلت إلى البيت حتى غمست يدي بماء بارد عله يخفف من حرارتها وظللت سنوات وأنا أحس بهذه اللسعة تأتيني بين فترة وفترة(1).
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35)